تعتبر هجرة القاصرين، من المغرب على وجه الخصوص، إلى إسبانيا من الجوانب الأكثر قتامة وتعقيدا. ففي ظل قانون للقاصرين يضمن الحماية الكاملة لحقوقهم، ظهرت على السطح مشاكل كثيرة للانحراف والجريمة والعنف، أرهقت القائمين على مراكز إيواء القاصرين، فتراوحت الحلول بين إجراءات الطرد دون ضمانات قانونية، ومراكز إعادة التربية، وكانت آخر الحلول المقترحة "ترحيل" هؤلاء إلى مراكز في بلدانهم الأصلية على نفقة الحكومات المحلية الإسبانية.
غير أن هذا الحوار المترجم عن أوروبا برس، يمثل بارقة أمل في الحقيقة، وقد تم مع بلال، أول مهاجر حصل على تأشيرة العودة بعد تعرضه للطرد من التراب الإسباني، ليمضي ثلاث سنوات في مسقط رأسه قبل أن يتلقى مكالمة تلفونية أخبرته بحصوله على تأشيرة للعودة إلى إسبانيا.
"في المغرب يعتقدون أن العيش في إسبانيا سهل" .- كيف تصف شعورك بعد كل ما حصل؟
وأنا ممتن لهذه الفرصة الجديدة التي منحت لي للعيش في اسبانيا بطريقة قانونية، لقد فقدت ثلاث سنوات من حياتي في طنجة عندما كان من الممكن مواصلة التكوين الذي كنت بدأته في اسبانيا.
.- كيف قررت ركوب المخاطر للوصول إلى إسبانيا؟ وكيف أتيت في المرة الأولى؟
لم أكن خائفا من القدوم إلى اسبانيا. عبرت الحدود مختفيا بين المسافرين ووصلت الى ميناء الجزيرة الخضراء في الليل. قضيت عدة أشهر في عمتي، ومن ثم جئت الى مدريد عبر الحافلة بحثا عن عمل.
ما أن وصلت إلى العاصمة حتى توجهت إلى فرقة الأحداث التابعة للشرطة الوطنية (Grum) التي اقتادتني إلى مركز الأحداث "هرتاليسا". في وقت لاحق اتصلت بمنظمة استضافتني للعيش في منزل مشترك مع أطفال مهاجرين آخرين في كولمينار بييخو.
.- ما هي متمنياتك على المدى القصير في إسبانيا؟
أريد الاستمرار في الدراسة في معمل نجارة الألمنيوم ، والتي آمل يتم قبولي فيها مرة أخرى بعد ثلاث سنوات التي كنت فيها بعيدا، وأتمكن من العمل لإرسال أموال إلى عائلتي كل شهر. علاوة على ذلك ،وآمل أن أذهب إلى طنجة، ولكن في عطلة لأرى والدي وأخوتي.
- ماهي الوثائق التي سلمت لك؟ الآن على جواز سفري، وبه تأشيرة لدخول البلاد بطريقة قانونية ، ولكني لم أحصل بعد على تصريح الإقامة، وآمل أن يكون ذلك قريبا، لأن المحامي يتابع الإجراءات اللازمة لذلك.
.- كيف كان الطرد من إسبانيا؟ لم أكن أتوقع ذلك. خرجت من البيت للذهاب إلى المشغل، وخلال خمس دقائق وصلت الشرطة ولكنهم لم يجدوني، فقدموا حيث كنت أدرس في "أوركاسيتاس". داهمت الشرطة المحل وأخذوني مباشرة الى المطار. كنت على متن الطائرة ولم أكن أعلم كيف حصلوا على بطاقة هويتي. لم يقدم لنا أحد أي تفسير وعاملوني بشكل سيء للغاية، قاموا بضربي ودفعي، وكنت لا أزال قاصرا.
أساتذتي والمحامون بذلوا قصارى جهدهم لكي لا أصعد على متن الطائرة، ولكن الشرطة أغلقت هاتفي المحمول ولم يتمكن أحد من فعل أي شيء.
عندما وصلت الى طنجة كانت عائلتك في انتظارك؟
لا ، لا أحد كان يعرف أنني قادم، لا أصدقائي ولا عائلتي كانت تعلم أنني طردت من إسبانيا. لا أحد شرح لم فعلوا بي ذلك.
.- وكيف كانت ثلاث سنوات في طنجة؟ فقدت الأمل في العودة الى اسبانيا؟
عندما كنت هناك، درست في معهد سرفانتس، وبقيت على اتصال مع زملائي المدرسين الذين كانوا يحاولون قدر المستطاع أن أتمكن من العودة إلى أسبانيا، وقالوا لي أنني يجب أن أتحلى بالصبر، وبالتالي فلم أفقد الأمل أبدا.
.- ماذا كان رأي أصدقائك في عودتك إلى المنزل؟ بماذا تنصحهم؟
إنهم لا يفهمون شيئا، إنهم لا يعرفون كيف تسير الأمور هنا. في المغرب يعتقد الجميع أنه من السهل العيش في إسبانيا، والعثور على عمل ومسكن. ولكن في الواقع غير ذلك، وعلى المرء أن يكون كثير التحمل.
